Jump directly to the Content

News&Reporting

المسيحيون العرب الإسرائيليون يبقون ويخدمون بينما تثير حرب غزة الجليل

مع نزوح عشرات الآلاف من الحدود الشمالية مع لبنان، يوازن المؤمنون بين هويتهم الفلسطينية والإسرائيلية سعياً لتحقيق السلام مع الجميع.
|
English
المسيحيون العرب الإسرائيليون يبقون ويخدمون بينما تثير حرب غزة الجليل
Image: رجل يتفرج على مشهد تصاعد الدخان فوق مرتفعات الجولان بعد هجوم صاروخي لحزب الله على شمال إسرائيل.

في مساء أحد أيام الجمعة، أجلست امرأة شابة طفلها الصغير في حضنها في كنيسة يسوع الملك الإنجيلية الأسقفية في معالوت ترشيحا، وهي بلدة مختلطة من العرب واليهود تقع في شمال إسرائيل على بعد خمسة أميال من الحدود مع لبنان. مثل الأمهات في كل مكان، صفقت بيديها وأشارت له ان يرد.

ماذا تقول البقرة؟ أجاب الطفل: ”مو”.

ماذا يقول الكلب؟ وجاء الجواب ”ووف”.

ماذا تقول القنبلة؟ ”بوووم” وضحك كلاهما.

قبلها بساعات قليلة فقط، وحين كانت صواريخ حزب الله تحلّق في سماء المنطقة، والتي اعترضها في بعض الاحيان نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي، كان شيوخ الكنيسة قد تناقشوا هل يعقدوا الاجتماع اصلًا. عندما انطلقت صفارة الإنذار أثناء الخدمة، تساءل الأعضاء عما إذا كان ينبغي عليهم دخول ملجأ الباطون الموجود في الطابق السفلي.

إن هذه المحاكاة المرحة تخفي خطورة الصراع الدائر في منطقة الجليل والذي تقلّ التقارير عنه، ولكنها تكشف أيضًا الحياة اليومية الطبيعية.

وتقول طاليثا جريس، وهي قائدة متطوعة للشباب في كنيسة يسوع الملك، والبالغة من العمر 28 عاماً: ”الآن تلاشت القنابل في الخلفية”. ”روح الدعابة السوداء هي آليتنا للتعامل مع الخوف وعدم اليقين بشأن الغد.”

ان الحدبث يدور حول هؤلاء المواطنين من الشمال الذين بقى في بلداتهم بالقرب من الحدود. لكن حالة مختلفة من عدم اليقين تؤلم عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من منازلهم. لقد قدم مسيحيون عرب إسرائيليون تقديرات مختلفة لـ CT، لكنهم بالمجمل جميعهم يصلّون من أجل السلام في أرض مواطنتهم. ان الحرب في غزة تؤثر عليهم أيضاً.

ففي الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، وبعد يوم واحد من عبور حماس الحدود إلى جنوب إسرائيل وقتله 1200 إسرائيلي، أطلق حزب الله ــ الميليشيا الشيعية المتحالفة على نحو مماثل مع إيران ــ ”جبهة دعم” من لبنان.

واستمر التبادل اليومي للقصف الصاروخي وإطلاق النار الانتقامي منذ ذلك الحين.

ولكن مقارنة بغزة، فإن الضحايا كانت أقل بكثير. ففي لبنان، قُتل أكثر من 450 شخصًا، معظمهم من حزب الله ومقاتلي ميليشيات اخرى، وبضمنهم اكثر من 80 مدنيًا. وفي إسرائيل، قُتل ما لا يقل عن 16 جنديًا و11 مدنيًا.

وفي غضون أسابيع، أمرت إسرائيل بإخلاء 42 بلدة شمالية مجاورة للبنان، مما أدى إلى نزوح ما بين 60 ألفًا و80 ألفًا من السكان وتزويدهم بالتعويض المالي. كما فرّ 90 ألف لبناني إضافي من القتال، الذي اقتصر بشكل عام على مساحة من الأرض على بعد بضعة أميال على جانبي الحدود.

لقد تصاعد العنف واتسع نطاقه بشكل مطرد، على الرغم من أن إسرائيل وحزب الله بدوا متحفظين بشأن التورط في حرب شاملة. ولم يصدر أمر بإخلاء معالوت ترشيحا ولا بلدة الرامة المجاورة وهي حيث ولدت جريس ونشأت.

لقد جاء ذكر الرامة في يشوع 19: 29 كمدينة حدودية لسبط أشير، وهي تقع على بعد ثمانية أميال فقط من الحدود. ومع ذلك، فإن القرية المسيحية تاريخياً، والتي يسكنها أيضاً المسلمون والطائفة الدرزية غير التقليدية، تقع على تلة تواجه لبنان من الجهة الثانية. خلال الصراع المباشر الأخير بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، أصابت الصواريخ فقط قمة الجبل الذي تقع الرامة عليه أو الوادي أدناه.

لكن الأمان النسبي ليس هو الذي يمنع السكان العرب من الإخلاء. وتقول جريس إن الكثيرين في الرامة هم في الأصل من إقرت القريبة، حيث أجبر الجنود اليهود القرويين على إخلاء قريتهم خلال حرب استقلال إسرائيل عام 1948. ولم يتم الوفاء بالوعد بالعودة في غضون أسبوعين. ولم يتم حتى احترام قرار المحكمة العليا الإسرائيلية لعام 1951 لصالحهم كذلك. وفي عيد الميلاد الذي تبع، قامت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي بهدم كل منازل قرية اقرت.

وبعد مرور ثلاثة وسبعين عاماً ويوم واحد، اصاب صاروخ من حزب الله مجمع كنيسة الروم الكاثوليك في إقرت، وهو المبنى الوحيد الذي بقي قائماً فيها. وأدى الصاروخ إلى إصابة حارس الكنيسة البالغ من العمر 80 عاما، كما أصيب تسعة جنود إسرائيليين بجروح في إطلاق نار لاحق أثناء محاولتهم إخلائه.

وقالت جريس، إن السلطات الإسرائيلية، إدراكًا منها للظلم الواسع النطاق، أصدرت توصيات فقط - وليس أوامر - للبلدات العربية بالإخلاء. وفي قرية فسوطة المسيحية، غادر النساء والأطفال بينما بقي الرجال، خوفاً من أن يعيد التاريخ نفسه.

ومع ذلك، تمثل كنيسة يسوع الملك تعاونًا حديث العهد: فقد تبرعت الحكومة الإسرائيلية بقطعة الارض الذي بنيت الكنيسة عليها قبل ثلاث سنوات، واليوم ملجأها مفتوح لخدمة الجمهور. كما تقام خدمات الكنيسة في عطلة نهاية الأسبوع الإسرائيلية قبل يوم السبت، حيث يعمل العديد من سكان القرية في الوسط اليهودي. وأضافت جريس أن جمعية Samaritan’s Purse ساعدت الفقراء بقسيمة طعام بقيمة 130 دولارًا لكل شخص ومجموعة أدوات إسعافات أولية ومصابيح مشحونة بالبطارية.

وقال القادة خلال توزيع الاغراض: ”يسوع هو نور العالم”.

ويبلغ متوسط عدد الحضور في الكنيسة حوالي 80 شخصًا، من بينهم عشرات الشباب، معظمهم من المراهقين. والد جريس هو الراعي، وقد قامت طاليثا بتوسيع خدمة مؤتمر عائلة ماران آثا الإقليمي الخاص به من خلال تجمع شبابي متعدد الطوائف عقد في أبريل. وقد قام حوالي 70 شخصًا بالتسجيل للمؤتمر من كنائس الاخوة والناصريين من الشمال، لكن اصابت الجميع البلبلة بسبب القصف الصاروخي غير المسبوق الذي شنته إيران ضد إسرائيل قبل أيام قليلة من المؤتمر.

ولكنهم عقدوا المؤتمر على أي حال.

قالت جريس: “ وهكذا توجب علينا اعلان إيماننا بالكامل”. «يقتبس المسيحيون الآية: «لن أخاف شرًا». لكن هذه المرة، توجب ان يكون ذلك حقيقيًا”.

ومع ذلك، فإن الكثيرين من الشباب مرهقون ذهنيًا، كما تقول جريس، ويكبتون مخاوفهم بدلاً من اللجوء إلى الله. تسكن جريس خلال الأسبوع في مدينة حيفا الساحلية، على بعد 25 ميلاً جنوب غرب قريتها، حيث تعمل كاخصائية نفسية في مستشفى حكومي. لقد طبقت مهاراتها من خلال الفنون والحرف اليدوية مع أطفال القرية وأصرّت ان يستمر الكبار في عقد لقاءاتهم من أجل الشركة المتبادلة. وتقول لهم جريس إن تمارين التنفس والوعي العاطفي أمران ضروريان.

ومع ذلك، عندما تنظر إلى الحرب، فهي غاضبة من الظلم من كلا الجانبين.

من جهة تعرف جريس التاريخ الذي ينبع منه الخوف اليهودي. فوالدتها ألمانية وقد أُجبر جدها الأكبر على القتال في الحرب العالمية الثانية. لا يوجد رابحون في الحرب وانما فقط خاسرون هو الشعار الذي غرسه في ابنه. توفي هذا الجد عندما كانت جريس في السابعة من عمرها، لكن هذا الفكر ترسخ في هويتها اليوم.

اما جدها من طرف والدها فقد كان فلسطينيًا، ولكن مثل العديد من الشباب من جيلها، تقول جريس إنها تصارع في كيفية تعريف نفسها. وعلى الرغم من أنها تُسمي نفسها مواطنة عربية مسيحية، إلا أنها لا تشعر بأنها إسرائيلية بالكامل لأنها ليست يهودية، كما أنها لا تخدم في جيش الدفاع الإسرائيلي. ان لها الكثير من الاصدقاء العرب واليهود، لذا وكقاعدة عامة، تتجنب جريس السياسة وتقول بدلاً من ذلك، “اطلقوا عليّ اسم سويسرا” – وهي دولة محايدة وهي حيث درس والدها دراسات الكتاب المقدس. ومع ذلك، وباعتبارها إنجيلية، فهي أقلية من أقلية من أقلية.

ان صراعها الداخلي ملموس، لكنها وجدت الحل.

تقول جريس: ”أنا أركز على هويتي السماوية”. ”لكن ذلك صعب هنا لأنه يتوجب عليك أن تنتمي إلى شيء ما.”

فهي ترى التسليم للروايات المجتمعية حتى في جسد المسيح. فبعض اليهود المسيحيين يعترفون بأنهم لن يصلّوا من أجل ”إرهابيي المستقبل” - الأطفال الفلسطينيين - الذين يموتون في غزة. كما يقول بعض الإنجيليين الفلسطينيين إنهم لا يستطيعون الصلاة من أجل حكومة ترتكب “إبادة جماعية”. ورغم ان التوتر تواجد دائمًا تحت السطح، فإن العلاقات في كل مكان تزداد سوءًا.

لكن البعض، حتى بشكل منفصل عن يسوع، ما زالوا يصلّون معًا.

أرض الحياة

تعتبر كنيسة جريس مثالاً للمؤمنين الذين يصلّون معًا، بعد أن عقدوا اجتماعات مشتركة مع اليهود المسيحيين. لكن قضايا الهوية التي وصفتها ليست استثنائية في مجتمعها. ولقد وجد أستفتاء من عام 2015 للقادة الإنجيليين المحليين أجرته كلية الناصرة الإنجيلية (NEC) أن 75 بالمائة يطلقون على أنفسهم اسم ”عرب إسرائيليين”، وهكذا يقللون من أهمية أي صلة فلسطينية. وأشار استطلاع أوسع أجرته جامعة حيفا إلى خفض النسبة إلى 47% من المسيحيين الذين عرّفوا انفسهم بأنهم ”إسرائيليون / غير فلسطينيين”. وقد عرّف 29 بالمائة فقط نفسه مع كليهما.

لكن الحرب في غزة زادت من التضامن العربي مع دولة مواطنتهم. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وجد معهد الديمقراطية الإسرائيلي أن 70 في المائة يشعرون أنهم جزء من إسرائيل، وهي زيادة عن نسبة 48 في المائة التي كانت قبل الحرب وأعلى نسبة خلال 20 عامًا من استطلاعات الرأي. ومع ذلك فإن 27% فقط كانوا متفائلين بشأن مستقبل إسرائيل، مقارنة بـ 72% من اليهود.

لكن بعض مخاوف القس عازر عجاج، رئيس كلية الناصرة الانجيلية اخذت تختلط.

فلقد أجبر الهجوم الإيراني ان يتم اجراء لقاء مخططًا له لاشخاص من أديان مختلفة في شمال إسرائيل على تطبيق الزوم بدل لقاء وجه لوجه. وهكذا كان عجاج الإنجيلي الوحيد فيه إلى جانب حفنة من المسيحيين وعشرات القادة اليهود وبدأ عجاج كلامه بإدانة حماس والتعبير عن الحزن مع أهالي الرهائن. ومع ذلك فقد شجب العنف وموت الفلسطينيين الأبرياء - مع بعض الرهبة الداخلية، حيث أن مثل هذه التصريحات احيانًا ما تفسر على أنها معادية لإسرائيل.

وأصر عجاج على أن وقف إطلاق النار ضروري.

“كان رد الفعل فوق توقعاتي؛ فلم يبرر احد من الموجودين ما يحدث لاهل غزة” يقول عجاج، الذي يعرّف نفسه بأنه مواطن فلسطيني في إسرائيل. ”لقد منحني ذلك الأمل بأنهم يرغبون بالعيش معًا في احترام وكرامة.”

وتواصل معه العديد منهم بعد ذلك لدعوته للمشاركة في صلاة مشتركة من أجل السلام ، تم تقديمها من خلال منتدى الروح المشتركة بين الأديان في الجليل والذي يضم حاخامات من جميع التقاليد اليهودية:

God, الله, השם شددوا أيدي الساعين للسلام في منطقتنا. فليعلموا ويشعروا أنهم ليسوا وحدهم؛ وخلفهم نقف جميعا اناسًا من جميع الأديان والأعمار والجنس، نصلي من أجل السلام والهدوء في بلادنا. ليت جميع الرهائن يعودون إلى منازلهم. ونصلي من أجل نهاية هذه الحلقة الدموية المفرغة. لتكن هذه أرض الحياة لجميع سكانها من هنا وصاعدًا، ولنقل: آمين.

يعيش في منطقة الجليل ما يزيد قليلا عن نصف سكان إسرائيل العرب البالغ عددهم مليوني نسمة.

ويقول عجاج إنه من الضروري أن يتحدث صانعو السلام وجهاً لوجه من أجل تنمية العلاقات الجيدة والحفاظ عليها. وعلى الرغم من أن التجمع الأكاديمي تم فرضه عبر الإنترنت، إلا أن منتدى روح الجليل تمكن من الاجتماع عدة مرات شخصيًا منذ بدء الحرب.

بذات الوقت تستمر الخدمة وومثلها الامتداد. فعلى الرغم من الحرب، تمكنت كلية الناصرة الانجيلية من نشر كتيب صغير للكنائس لمخاطبة مخاوف المسلمين حول كون يسوع إلهًا كاملاً وإنسانًا كاملاً. واستمر زميل عجاج في إجراء مجموعات نقاش هادئ ولكن علني مع حوالي 20 شخصًا من الباحثين عن الحق المنفتحين في القدس.

وحتى ان الكلية قد توسعت ونمت بسبب الحرب. حيث أن 10 من طلابها البالغ عددهم 35 طالبًا يعيشون بالقرب من الحدود، فقد قررت الكلية الانتقال إلى التدريس الهيبريدي(المختلط). وهكذا قام 20 طالبًا جديدًا بالانضمام للدراسة عبر الإنترنت. فأولئك الذين يعيشون في مناطق تبادل إطلاق النار الخطيرة يفضلون فرصة البقاء بالقرب من عائلاتهم. كما يمكن للآخرين توفير مصاريف السفر، فلقد أدى انهيار السياحة في البلاد إلى تقليص في مدخول الكثيرين.

ويتوقع عجاج، الذي يتحدث بصفته الشخصية، أن تتفاقم الأمور.

وقال: ”ان امور غزة مشوشة ولكنها ليست معقدة، ويمكن حلها”. ”لكن القادة السيئين في كلا الجانبين يهتمون أكثر بمصالحهم السياسية”.

إن وقف إطلاق النار الذي يتوق إليه - والذي حاول الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يتوسط فيه وطالب به مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - لم يقبله بعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو يحيى سنوار من حماس. وحتى لو تم تنفيذه، فإن الخطة النهائية قد لا تستثني منطقته الشمالية.

فلقد أعلن حزب الله أنه سيحترم الهدنة في غزة، كما فعل خلال الهدنة الأولى في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر. ومع ذلك، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي أن القتال لإبعاد الميليشيا عن الحدود الشمالية سيستمر إذا لم تنجح المفاوضات السلمية.

وهم قد يفعلون ذلك بالفعل. ففي عام 2022، قامت إسرائيل ولبنان بترسيم حدودهما البحرية.

ومع ذلك، فإن قضايا الأراضي شائكة اكثر، حيث توجد 13 نقطة من الأراضي المتنازع عليها بين البلدين، بما في ذلك مناطق مرتفعات الجولان. على سبيل المثال، أدت الهدنة التي وقعتها الأمم المتحدة على الخط الأزرق عام 2000 إلى تقسيم قرية الغجر إلى نصفين وزادت من التوترات بشأن مزارع شبعا القريبة التي تحتلها إسرائيل.

لقد أنهى قرار الأمم المتحدة رقم 1701 صراعًا دام شهرًا في عام 2006 ودعا إلى نزع سلاح جميع الميليشيات وإنشاء منطقة عازلة على بعد 12-18 ميلًا جنوب نهر الليطاني في لبنان، مع عدم السماح بوجود مسلح غير رسمي. واليوم يواصل حزب الله انتشاره، بينما تنتهك الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي اللبناني بانتظام. وبسبب خشيتها من أن يطلق حزب الله نسخته الخاصة من حملة السابع من تشرين الأول/أكتوبر ـ وهو ما أشار إليه علناً في مناوراته العسكرية قبل خمسة أشهر من هجوم حماس ـ تصر إسرائيل على تنفيذ القرار.

وتزايدت وتيرة خطاب التهديد بشكل مطرد خلال الأسبوع الماضي، حيث أعلن نتنياهو أنه سيتم نقل القوات إلى الشمال. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي حذر في وقت سابق من أن إسرائيل ستحول بيروت إلى غزة في حالة نشوب حرب شاملة.

صرح زعيم حزب الله حسن نصر الله بأنه رفض العروض المقدمة من الفصائل الإقليمية المدعومة من إيران للقدوم إلى لبنان والانضمام إلى القتال - الذي قد يتم شنه ”بدون التقيد بأي قوانين”. وقد تفاخر بتجنيد أكثر من 100 ألف مقاتل، وتشير التقديرات إلى أن الجماعة المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة تمتلك 150 ألف صاروخ، الكثير منها ذو تصويب دقيق.

وقال عجاج: ”الوضع معقد ومخيف للغاية”. أتمنى التوصل إلى حل سياسي، لكني لا أعرف كيف”.

كيف شعر الأجداد

وياسمين مزاوي ايضًا لا تعرف كيف. لكنها مستعدة للمساعدة.

هذه الشابة الكاثوليكية البالغة من العمر 25 عامًا من الناصرة تعمل كمسعفة متطوعة مع نجمة داود الحمراء التابعة للصليب الأحمر (MDA)، والتي تُترجم إلى العبرية باسم ”درع داود الأحمر”. ان وظيفتها بدوام كامل هو كمستشارة تحليلية لادارة ألاعمال في تل أبيب، الواقعة على بعد 65 ميلاً جنوبًا؛ إلا أنها تعمل الآن من المنزل تحسباً لانفجار الجبهة الشمالية.

وتقول مزاوي: “ان نتائج الحرب سيئة دائمًا”. ”لكن أبانا السماوي لن يتركنا، وهناك أناس طيبون حولنا لحمايتنا.”

ان شبكة أمانها تتألف من ثلاثة طبقات. ان عائلتها ومجتمعها يقدمان الدعم الرئيسي الذي تحتاجه. الطبقة الثانية هو نجمة داود الحمراء، بإحساسها القوي بالانتماء إلى 30 ألف متطوع ملتزمين بالخدمة الوطنية. والثالث هو جيش الدفاع الإسرائيلي ولها فيه العديد من الأصدقاء.

هي تُعرّف نفسها بأنها مسيحية عربية إسرائيلية، ولكل جزء نفس القدر من الأهمية.

بالنسبة لمزاوي، فلقد شجعت القيم العائلية التي تعلمتها من والديها على دمج إيمانها المسيحي مع البيئة اليهودية. وأضافت أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لكثيرين آخرين. لقد نشأ الكثير من العرب دون أن يفهموا الأعياد الوطنية الإسرائيلية. حين تغيبت مزاوي عن الفصول الدراسية للقيام برحلة مع نجمة داود الحمراء إلى أوشفيتز خلال المدرسة الثانوية، أهانها العديد من زملائها في المدرسة. لكن من خلال الحوار، غيّر البعض موقفه وانضموا إليها في خدمة المسعفين.

إنها لا تسعى إلى تغيير رأي أي شخص ولكنها ترغب في قدر أقل من الانفصال بين المجتمعات. إنها تشعر أن القيم المشتركة لجميع الأديان ضرورية لبناء مستقبل خالٍ من الصراعات، ومتجذر في الحب والرحمة.

وقالت مزاوي، مستفيدة من تجربتها في ألمانيا: “لقد أظهر لنا يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه”. ”العرب واليهود يرون بعضهم البعض ولكنهم لا يعرفون بعضهم البعض، وعلينا أن نجسر على هذه الفجوة”.

نيفين الياس هي مسيحية اخرى تبذل جهدًا في هذا المجال، وهي آرامية من الجش التي تبعد ثلاثة أميال من الحدود مع لبنان. في العام الماضي، عندما كان عمرها 39 عامًا، التحقت بالجيش. وخلال مسيرتها، اعتمدت مصطلحًا آخر لهويتها الشخصية.

وتقول الياس: ”أنا صهيونية”. ”نأمل أن... يخدم جميع المسيحيين في جيش الدفاع الإسرائيلي”.

تشترط إسرائيل الخدمة الوطنية لمدة عامين على جميع الشابات غير الملتزمات دينيا، مع ثمانية أشهر إضافية للشباب، في سن 18 عاما. وباستثناء الدروز، يُعفى العرب، إلى جانب اعفاء اليهود المتشددين من هذه الخدمة. ولا يفرق جيش الدفاع الإسرائيلي بين المسيحيين والمسلمين، الذين يُعتبر تجنيدهم طوعيا. لكن المصادر تفيد إنه بالتوافق مع المجتمع العربي بشكل عام، فإن القليل من الإنجيليين فقط يشاركون.

لكن الياس تقول إن الجيش الإسرائيلي يريدها أن تكون مثالا. في عام 2014، أصبح مجتمعها مستحقًا لتغيير بطاقات الهوية الخاصة به من ”عربي” إلى ”آرامي”، لكن الأدلة المتناقلة تشير إلى أنه بحلول عام 2022، كان هناك حوالي 4500 شخص قيد المعالجة، أي أقل من 2% من المسيحيين في إسرائيل. وقد أثارت مبادرة الحكومة التوتر كتكتيك لفصل العرب حسب دينهم وزيادة التحاق المسيحيين بجيش الدفاع الإسرائيلي. ولا يتطوع سوى بضع مئات من المسلمين للخدمة في الجيش، على الرغم من أن العدد قد زاد مؤخرًا.

وابن الياس هو أحد هؤلاء العرب الذين انضموا إلى القوات المنخرطة في القتال.

يتم دعم رغبتها في تجنيد المزيد من الأشخاص من خلال أكاديمية إسرائيلية سابقة للخدمة العسكرية في منطقة الجليل، حيث يتشارك اليهود والمسيحيون في الثكنات لمدة ستة أشهر. لقد تأسست الأكاديمية على يد أحد الآراميين من الجش، وقد تم تخريج 315 رجلاً وامرأة منذ تأسيسها عام 2017.

يعتبر اليهود جيش الدفاع الإسرائيلي أداة كبيرة للمساواة، حيث يوحّد المجتمعات العبرية المتنوعة في إسرائيل تحت المظلة الوطنية. إن الأمل في الأكاديمية يشبه إلى حد كبير تطلعات مزاوي: يتعلم الطلاب العرب الرواية الصهيونية بينما يتعرف اليهود على الأعياد والمعتقدات المسيحية – التي تقول الياس إنها لا تدرّس في المدارس العامة.

ان قرارها بالانضمام إلى الجيش الإسرائيلي مثير للجدل إلى حد كبير، لكن الياس لم تهمل جذورها. لقد استشهدت بقرية أجدادها في برعم كسبب لبقاء الجش مأهولة بالسكان. مثل إقرت، كانت برعم قرية مسيحية حيث لم يُسمح للناس بالعودة إليها.

ويتساءل الكثيرون كيف يمكنها الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي الذي شردهم. ولكن بينما تشاهد الكيبوتسات التي تم إخلاؤها، فإن أصدقاؤها اليهود، الذين ما زالوا نازحين بعد سبعة أشهر، يعربون عن أسفهم اثر ما فهموه حديثًا: ”الآن نعرف كيف شعر أسلافكم عندما طُلب منهم المغادرة ولم يتمكنوا من العودة”.

إنها متشائمة بشأن فرصهم.

تقول الياس: “إن الجيش الإسرائيلي ينتظر الانتهاء من غزة قبل أن ينشغل في الشمال”. ” اننا نشعر أن ذلك سيكون قريبا.”

في نفس المنزل

وعلى الجهة الجنوبية من الحدود على الاقل، يأمل أحد الإنجيليين العرب ذلك.

وقال سليم شلش، هو راعي كنيسة يسوع الملك في الناصرة: ”أنت تحتاج إلى حماية شعبك، لذا تحتاج إلى تنظيف هذا الفيروس”. ”إسرائيل... بحاجة إلى المواصلة في القضاء على حماس حتى يتمكن سكان غزة من العيش بسلام”.

ولأنه صريح في دعمه لإسرائيل، فهو يريد أن تجيب خدمته على سؤال نثنائيل في يوحنا 1: 46: ”أَمِن الناصرة يمكن أن يخرج شيء صالح؟” وسعيًا إلى بناء الجسور بين المجتمعات، يهدف شلش إلى ”جمع إسحاق وإسماعيل في نفس المنزل”.

ويقول إن يوم 7 أكتوبر هدد عمل المصالحة الذي بنى على مدى سنوات كثيرة. وقد قدمت كنيسته المساعدة لـ 900 عائلة نازحة من الشمال والجنوب، لكن استعادة ثقة شركائه اليهود استغرق أشهرًا.

فقد قالوا له: «العرب فعلوا هذا».

أخيرًا تم كسر الجليد في اجتماع مع رئيس البلدية، عندما صلى أحد القساوسة العرب من أجل الضحايا. وبعد ذلك بكى كثيرون واحتضنوه.

وشلش الذي كان يكره اليهود في الماضي، يركَز نداءه على قصة الابن الضال. كان تفسيره دائمًا هو أن اليهود هم الذين ضلوا طريقهم، لكنه اصبح يرى الكنيسة - رغم أنها مُطعَمة في شعب الله - باعتبارها الأخ الأكبر الغاضب من الترحيب الذي لا يزال يمتد إليهم. ان هذا المثل غير اعتيادي من حيث انه يبقى مفتوحًا.

ويقول شلش: ”قال لي الرب: هذا هو اختيارك”. لكن ما أقوله لا يحظى بشعبية كبيرة بين عرب اسرائيل”.

لقد أظهرت بيانات مسح أن معظم هذا المجتمع يفضل الحياة في إسرائيل على الحياة في أي دولة فلسطينية مستقبلية. لكن المظالم عميقة.

ويشكل المواطنون العرب نحو 20% من سكان إسرائيل اليوم، وينحدرون من أصل 150 ألفاً الذين بقوا بعد حرب عام 1948. ولقد فرّ أكثر من 700 ألف لاجئ أو طُردوا من إسرائيل في وقت قريب من الحرب ولم يسمح لهم بالعودة.

وفي جميع أنحاء إسرائيل اليوم، العرب أقل ثراءً من جيرانهم اليهود. قبل تفشي فيروس كورونا، كانت حوالي 45% من العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر، مقارنة بـ 13% من اليهود. كما أن مستويات التعليم عندهم أقل أيضا، حيث أن 15% يحملون شهادة أكاديمية، مقارنة بـ 33% من اليهود.

ويشكل المسيحيون 8% من المجتمع العربي و2% من إجمالي سكان إسرائيل. ونظراً للتوترات في المنطقة، فإن الكثيرين - ولكن ليس الجميع - يفضلون التزام الصمت.

وقال طعمة عودة، وهو محامي من كفر ياسيف، وهي قرية ذات أغلبية مسيحية تقع على بعد 10 أميال من الحدود: “البعض يريد فقط الصلاة، بينما البعض الآخر الإدلاء بتصريحات”. ”نحن نفضل بشكل عام أن نكون في الجانب الآمن. ولكن كمؤمنين، يجب أن يكون لنا موقف ضد الظلم”.

لقد فعل ذلك في مهنته، حيث ساعد عرب إسرائيليين متزوجين من فلسطينيي الضفة الغربية في الحصول على إقامتهم القانونية في إسرائيل، حيث أوقف قانون من عام 2003 منح الجنسية التلقائي. وهو ينسب الفضل إلى من يستحقه: فهو يعيش أيضاً في معالوت ترشيحا، ويشيد بالشرطة لاحتوائها حادثة معادية للعرب أثارها الغضب منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهو ما يدينه بشدة.

ولكن مع ذلك هناك تفاوت.

يقول عودة: “إسرائيل قوية ولديها السطوة على الفلسطينيين”. “يجب أن نتحدث عن الظلم الذي ارتكبته الدولة، دون إهمال الظلم الذي ارتكب ضد اليهود”.

ويعكس تصريحه اعلاه هويته رباعية الابعاد: عربي، فلسطيني، مسيحي وإسرائيلي المواطنة. انه يتحسر على الأيام الماضية عندما كانت الحكومة تهمش الجماعات اليهودية المتطرفة من البرلمان؛ ولكنهم اليوم يشغلون مناصب رئيسية في مجلس الوزراء.

وقال عودة إن الوضع يزداد سوءًا، لكن إيمانه يقدم الجواب: السامري الصالح. صاغ يسوع هذا المثل ردًا على الناموسي، موبخًا كل من يهمل الرحمة. في المقابل، أشاد عودة بمجمع الكنائس الإنجيلية في إسرائيل (CECI) لجمعه مبلغ 13 ألف دولار لتوفير المأوى للنازحين ومساعدة المتضررين من الانكماش الاقتصادي – سواء من العرب أو اليهود.

المجمع الذي يمثل 35 كنيسة من كنائس جماعات الله المحلية، والمعمدانيين، والإخوة، والناصريين، وكنائس الاتحاد المسيحي، أرسل سابقًا أموالًا للإغاثة من الجائحة في الضفة الغربية؛ لضحايا انفجار مرفأ بيروت عام 2020؛ والأضرار التي لحقت في زلزال العام الماضي في تركيا وسوريا.

وقال عودة: اننا ”نحاول مساعدة كل من يحتاج”. ”الكراهية لا تجلب إلا المزيد من الكراهية، وفقط النور يستطيع أن يطرد الظلام.”

هذه هي رؤيته لإسرائيل والمنطقة. وقال إن السلام يجب أن يأتي أولا من خلال الحكومات، مستشهدا بمصر والأردن كأمثلة جزئية. إذا تم احترام الحقوق ويتبعها الازدهار، فعندها وخلال جيل واحد سوف يترسخ بين الناس.

عودة يعتقد أن السلام الحقيقي مع الفلسطينيين سيزيل أي عداء يمكن أن تستغله حماس أو حزب الله. ان فصل الصراع عن الدين سيكون مفيدًا، اذ أعرب عودة عن إحباطه من تصرفات المستوطنين الإسرائيليين والأيديولوجيين الإسلاميين على حد سواء.

وتظهر استطلاعات الرأي أن 62 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون هجوما حاسما على حزب الله. ومع ذلك، فإن عودة متشكك. وقال: ”ليس لدي الإجابات، لكن القتل المتبادل يجعل الأمر أسوأ بالنسبة للجانبين”. ”الحل الوحيد هو السلام الذي يؤدي إلى الخير للجميع.”

وفي هذه الأثناء، لا يزال سكان الشمال في طي النسيان. وقال عودة إن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم لا يمكنهم العودة بأمان حاليًا. اما مزاوي فتقول إنه يجب إبعاد الميليشيا عن الحدود. وشلش اشار إلى أن مشاريع الإغاثة تعطلت بسبب مواضيع جمع التبرعات. ولاحظ عجاج أنه بينما تتدفق التبرعات المسيحية على المنظمات اليهودية، فإن الكنيسة العربية مهملة.

لكن جميع المصادر التي تمت مقابلتها اتفقت مع جريس.

اذ قالت: “أدعو الله ألا تكون هناك حرب مع لبنان”. ”الحل لكلا الجانبين هو معرفة يسوع.”

[ This article is also available in English. See all of our Arabic (العربية) coverage. ]

May/June
Support Our Work

Subscribe to CT for less than $4.25/month

Read These Next

close